فى هذا العصر الذى انقلبت فيه الموازين واختلت فيه المعايير وغابت القيم الأصيلة فى هذا الوقت الذى تجرأ فيه حثال

يوم,التجارة,العالم,اليوم

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
د. يمنى أباظة تكتب:  تأملات فى ذكرى مولد خير الخلق

د. يمنى أباظة تكتب:  تأملات فى ذكرى مولد خير الخلق

فى هذا العصر الذى انقلبت فيه الموازين واختلت فيه المعايير وغابت القيم الأصيلة، فى هذا الوقت الذى تجرأ فيه حثالة البشر على نبى الله وإهانة الإسلام والمسلمين، فى هذا الوقت بالتحديد ما أحوجنا إلى الاحتفال بذكرى مولد خير البشرية، نور الله فى الأرض، كل يوم وليس يوما واحدا فى العام. لقد كان مولد رسول الله نقطة تحول فى تاريخ البشرية كلها.  وها هى نفحات ذكرى مولد الحبيب المصطفى تهل علينا فتبعث فينا النشوة الراقية وتثير فى أرواحنا الفرحة وتعيد إلينا الذكريات المجيدة وتجدد الأمل وتقربنا من التعرف على بعض نواحى شخصية الرسول العظيم لنتخذ منها العظة والاعتبار ونقتدى بها فى حياتنا، لترفع من شأننا وتنير لنا الطريق فى هذه الأيام العصيبة التى تحيط بنا التحديات من كل جانب وتتداعى علينا الأكلة وتتجاذبنا المؤامرات والمكائد.

وإذا كان الاحتفال بذكرى المولد النبوى الشريف قد يتم بمراسم معينة، فإن احتفال القلوب والأرواح بهذه الذكرى العطرة يجب أن يستمر، لأنه صلى الله عليه وسلم هو المنارة العالية الهادية التى أرادها الله لتبدد الظلمات وتخرج الناس من الضلال إلى الهدى ومن الظلام إلى النور.  وفى هذه الأيام المظلمة المليئة بالمآسى ضد المسلمين ينبغى على كل مسلم أن يدرس سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وأن يقتدى بها، فالسيرة النبوية تمثل جزءا من عقيدة المسلم وسدا منيعا فى وجه خصوم الإسلام.  والاحتفال الحقيقى بهذه الذكرى الذى يجب أن يستمر معنا طوال العام هو فى استعراض سيرة رسول الله وتتبع أحواله والاقتداء بسنته قولا وعملا وأن يعيش المسلم حياة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه فى ضميره وتفكيره، فى ظاهره وباطنه وأن يتخذ من سيرته صلى الله عليه وسلم نبراسا يهتدى به مصداقا لقول الله تعالى: لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ". 

وسيرة رسول الله كتاب مفتوح وصفحات مشرقة زاخرة بالطيب من الأخلاق الفاضلة والسلوك الحميد والمعاملة الحسنة، كان صلى الله عليه وسلم مثالا للطهر والنقاء والشفافية والتواضع والعمل بصدق وإخلاص والجهاد فى سبيل الله، كان صلى الله عليه وسلم، مع أنه رسول ومبعوث من ربه، بشرا يكد ويعمل، يأكل من عمل يده، يجاهد فى سبيل ربه وفى الوقت نفسه لا ينسى أهله وصحبه، يعمل لدنياه كأنه يعيش أبدا ويعمل لآخرته كأنه يموت غدا، احترف التجارة ورعى الغنم، أرشد الضال وآسى الضعفاء والفقراء، هدى الحائر.. اعتنى بالمسكين واليتيم.. رحيم بصحابته وفى الوقت نفسه شديد على أعدائه، كان كلامه صدقا وقوله فصلا، حارب الجهل والمفاسد والضلال، واجه الظلم والاضطهاد وتحمل الأذى وصمد على الحق حتى نصره الله، كان قدوة لأهله وصحابته، لم يكتف بالأمر بل كان فى مقدمة من يعمل بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، أعطى المثل والنموذج الصالح للقائد والزعيم والزوج والصاحب، تحمل المسئولية بشجاعة وواجه الأحداث والمحن بالصبر، قاد أخطر تحول فى التاريخ، فحرر الإنسانية من الظلم والطغيان والاستبداد وعبودية الأصنام، فأين المسلمون اليوم من رسول الله وصحابته؟ أين هم من نهجه وسيرته ومبادئه؟ أين هم من جهاد وكفاح صاحب هذه الذكرى؟

إن أردنا احتفالا يرضى عنه الله تعالى ورسوله فلنتخذ من هذه الذكرى منطلقا لحياة جديدة ولنجعل من صاحبها وصحابته قدوة لنا فى كل أعمالنا، لنحاسب أنفسنا ونعرف موقفنا من ديننا لنجتمع سويا على مائدة القرآن نستوحى منها الأسرار والحكم والأنوار، لنتلمس خطى رسول الله فى الكفاح والدفاع عن الإسلام ومبادئه فى الجهاد ضد شهوات النفس، وبذلك نحترم أنفسنا ويحترمنا العالم ونجعل من احتفالنا بذكرى الرسول صلى الله عليه وسلم احتفال قلوب وأرواح، احتفال اقتداء وطاعة وعمل.